استراتيجيات حل المشكلات

بدايةً من مشكلة بسيطة مثل ماذا سوف نأكل على الغداء؟ وهذا بالطبع السؤال الذي يعاني منه أغلبية الناس بدون أن يدروا أنها حقاً مشكلة ومتكررة. وصولاً للتفكير في شراء منزل مناسب كمكان وموقع وسعر مناسب. فيجب عليك التعرف إلى إستراتيجيات لحل المشكلات التي تواجهك في حياتك الواقعية. وكذلك طرق التغلب على العقبات التي تقف حائلاً بينك وبين حل المشكلات. وهذا بالطبع يحتاج منك التعرف على استراتيجيات حل المشكلات والتغلب على العقبات وكيف تديرها بحكمة.

وقد عرف (Sarathy, 2018) أن مصطلح “حل المشكلات” في علم النفس المعرفي، يشير إلى العملية العقلية التي يمر بها الإنسان لاكتشاف المشكلات وتحليلها وحلها.

فعندما يكون هناك هدف نريد تحقيقه، ولكن هناك شيء يمنعنا، ولا نعرف كيف نحققه، مثل الشروع في عمل تجاري، ولكنك غير متيقن من الخطوات التي يجب اتخاذها، بالطبع سوف يساعدك استراتيجيات حل المشكلات في ذلك، وفيما يلي سوف نتعرض للنقاط التالية:

  • استراتيجية حل المشكلات.
  1. تحديد مصدر المشكلة.
  2. تحديد المشكلة بالكامل.
  3. تشكيل استراتيجية للحل.
    • منهج الاستدلال.
    • منهج المحاولة والخطأ.
    • منهج البصيرة.
    • منهج الخوارزميات.
  1. تنظيم المعلومات.
  2. تخصيص الموارد.
  3. تنفيذ الحل ورصد تقدم الحل.
  4. تقييم النتائج وقياسها.

مصطلح Verywell

  • معوقات حل المشكلات.
  • كيف تحسن مهاراتك في حل المشكلات.
  • أهم المصادر.

وفيما يلي تلك النقاط بالتفصيل:

إستراتيجية حل المشكلات:

وتتضمن ما يلي:

  1. اكتشاف وجود مشكلة.
  2. اتخاذ القرار بمعالجة هذه المشكلة.
  3. السعي لفهم كامل للمشكلة.
  4. السعي للبحث عن خيارات وحلول متاحة للمشكلة.
  5. اتخاذ قرار باختيار أحد الحلول للمشكلة وتطبيقها.

وهذا تصور عام لحل أي مشكلة، وليس من الضروري اتباع خطوات الحل بالتتابع وبترتيب، فمن الشائع أن تتخطى خطوات أو حتى تعود للخلف عدة مرات، حتى تصل إلى الحل الواقعي المطلوب، ولحل مشكلة بشكل صائب، في الغالب نتبع تلك الخطوات، بما يسمى دورة حل المشكلات أو تسلسلها.

فمن المهم قبل حل المشكلات معرفة طبيعة المشكلة، فإذا كان فهمك خاطئاً للمشكلة، فكل المحاولات لحلها سوف تكون غير صحيحة.

  1. تحديد مصدر المشكلة:

تحديد مصدر المشكلة ربما تبدو خطوة بسيطة، إلا أنه ليس بهذه البساطة التي تبدو عليها في بعض الحالات، ولكن هذا التحديد لابد أن يكون دقيقاً لاختيار الحل الصحيح، ومن أجل ذلك نتبع بعض الاستراتيجيات التي قد تحتاج استخدامها كما يلي:

طرح الأسئلة حول المشكلة.

تقسيم المشكلة إلى أجزاء أصغر.

النظر إلى المشكلة من زوايا مختلفة.

إجراء بحث لمعرفة العلاقات الموجودة بين المتغيرات المختلفة.

  1. تحديد المشكلة بالكامل:

بعد اتباع الاستراتيجية السابقة في تحديد المشكلة سوف تعطي إجابات عديدة ومتشعبة، ليأتي نتيجة كل هذا تحديد المشكلة بالكامل، من خلال التحديد العملي لكل جوانبها وتحديد الأهداف التي نريد الوصول إليها بمعالجة جوانب المشكلة.

حيث أن في هذه المرحلة يتم اكتشاف صورة متكاملة لكل جوانب المشكلة بوضوح، وفيها من الأفضل تدوين هذه الجوانب وتحديد نطاق الحل المطلوب.

  1. تشكيل إستراتيجية للحل:

حان الوقت لاستخدام العصف الذهني للحلول المحتملة، حيث تتضمن هذه الخطوة عادةً توليد أكبر عدد ممكن من الأفكار دون الحكم على جودة هذه الأفكار، ولكنها مرحلة نشوء الاحتمالات التي يمكن تقييمها وتقليلها.

والخطوة التالية هي تطوير استراتيجيات حل المشكلات، وسوف يختلف المنهج المتبع على حسب الحالة، حيث تشمل درجات المنهج بدءاً من استراتيجية حل المشاكل الشائعة، أي الاستدلال والخوارزميات.

منهج الاستدلال:

الاستدلال منهج مختصر لحل المشكلة من خلال تجارب نجحت في الماضي، وهو منهج يتم استعماله إذا كان هناك تشابه دقيق للمشكلة مع مشكلة أخرى سبق حلها، وفي ذات الوقت يكون هناك حاجة لحل سريع يتم تطبيقه، فهو حل مشكلة في متناول اليد من خلال “القاعدة العامة” للحل، فتعمل على تقليل عدد الحلول الممكنة إلى مجموعة حلول سبق دراستها وأكثر قابلية للإدارة.

فمثلاً إذا وجدت نفسك جالسًا أثناء ازدحام المرور، هنا يمكن التفكير بسرعة في طرق أخرى تسلكها، فتفكر في تجربة سابقة سلكت فيه هذا الطريق وكان غير مزدحماً، أو عندما تجد شيئاً بسعر يفوق توقعاتك فتتوجه إلى محل آخر لك تجارب جيده معه في الأسعار سابقاً، وهكذا نستخدم طريقة الاستدلال في كثير من تكتيكات الحل للمشاكل اليومية.

وهذا كله في حدود المشاكل الصغيرة قد يكون فعالاً، وقد نكتشف أن تلك الحلول ليست جيدة، فقد نكتشف أننا وضعنا أنفسنا في ازدحام مروري أسوأ، أو ذهبنا لمحل فوجدنا السلعة التي نريدها أغلى ثمناً.

منهج المحاولة والخطأ:

وهو منهج يعتمد على التجربة واستبعاد الحلول التي لا تعمل بنجاح، وهذا يمكن في نطاق أن أشتري قميص وأتحير ما بين اللون الأزرق والأخضر، فما علينا حينها سوى أن نجرب كلاً القميصين ونستبعد اللون بالتجربة والخطأ، فهذا لا يشكل أي أضرار، فهي في هذه الحالة استراتيجية جيدة لاستخدامها شرط أن ن يكون لدينا عدد محدود من الحلول، ويمكن تضييق الخيارات.

منهج البصيرة:

في بعض الحالات تفاجئنا مشكلة بمفاجأة تحتاج نظرة ثاقبة، مثل مشكلة لها علاقة بحياتك المهنية فيظهر الحل في ذهنك من العدم وأنت في هذه الحالة تعرف ما يجب القيام به على وجه التحديد.

وعادةً تحدث البصيرة عندما تكون المشكلة مشابهة لمشكلة تعاملت معها في الماضي، على الرغم أنك لا تعلم ولا تدرك ما يحدث لأن العمليات العقلية الأساسية التي تكشف البصيرة عادةً ما تحدث خارج الإدراك الواعي.

فعادةً تحدث البصيرة في الأوقات التي تكون فيها بمفردك أو حين تمشي بمفردك، أو عندما تكون في الحمام، أو عند الاستلقاء على السرير بعد الاستيقاظ.

منهج الخوارزميات:

الخوارزميات هي استراتيجيات أو مناهج خطوة بخطوة مضمونة لتحقيق نتيجة صحيحة، ورغم أنه أسلوب دقيق ورائع، ولكنه يستهلك وقت وموارد، وعادةً يتم استعماله في مجالات عمل الفرق والمجموعات والشركات… الخ.

فالخوارزمية كما قلنا إجراء تدريجي باتباع “قواعد” معينة. وتُستخدم بشكل أساسي في حل مسائل الرياضيات والفيزياء والإحصاء، لكن يمكن استخدامها في مجالات أخرى أيضاً.

في علم النفس مثلاً يمكن استخدام الخوارزمية للمساعدة في تحديد الأكثر عرضة للمشاكل العقلية والنفسية، حيث تساعد في التعرف على الأطفال المعرضين للانتحار أو الإيذاء النفسي.

فإن أهم فوائد الخوارزميات أنها تضمن لنا إجابة دقيقة، ولكنها ليست دائماً الأفضل وهذا يرجع لاستغراقها وقتاً أطول.

والخوارزميات تم التوسع باستعمالها في مجال الذكاء الاصطناعي، مما أدى لمخاوف إذا كان بالإمكان من خلاله التنبؤ بدقة بالسلوكيات البشرية، بل وبتوجيهها مستقبلاً.

خلاصة:

في استراتيجيات حل المشكلات عادةً يستخدم الاستدلال على أفضل وجه عندما يكون الوقت ضرورياً، وغالبًا ما يتم استخدام الاستدلال على أفضل وجه عندما يكون الوقت جوهريًا، بينما تُعد الخوارزميات الخيار الأفضل عندما نحتاج قرار دقيق ونتائج الخطأ فيه جسيمة.

  1. تنظيم المعلومات:

قبل أن نضع الحل، نحتاج أولاً تنظيم المعلومات المتاحة، على هيئة، ماذا أعرف عن المشكلة؟ وماذا لا أعرف؟ وكلما توافرت معلومات أكثر كلما أصبحنا أقرب للحل الأفضل والأكثر دقة، فعند اتخاذ قرار بدون معلومات دقيقة وكافية يؤدي هذا إلى نتائج غير دقيقة.

  1. تخصيص الموارد:

عادةً ليس لدينا دائماً أموال ووقت وموارد أخرى لحل مشكلة ما، فإذا كانت مشكلة مهمة فمن المفيد تخصيص المزيد من الموارد لحلها، أما إذا كانت مشكلة غير مهمة إلى حد ما، فأنت لا ترغب في إنفاق الكثير من الموارد الشخصية للتوصل إلى حل، ولكن في ذات الوقت يجب النظر أيضاً للمواعيد النهائية التي يجب الوفاء بها، ونسبة المخاطر المحتملة الناتجة من كل حل، وذلك بعد تقييم دقيق.

  1. تنفيذ الحل ورصد تقدم الحل:

حان الوقت لوضع الخطة موضع التنفيذ، ومعرفة ما إذا كانت تعمل بكفاءة أم لا، ويمكن في بعض الحالات تجربة أكثر من حل سواء معاً أو بشكل متعاقب للتأكد من جدوى كل منهم في حل المشكلة بشكل أكثر فعالية.

ليس ذلك وحسب، ولكن يجب أن يتم مراقبة خط سير الحل والتأكد من عدم ظهور مشاكل جديدة نتيجة للحل المقترح، حيث نميل عادةً إلى مراقبة تقدم الحل وتقدم العمل بصفة عامة، فعادةً يجب إعادة تقييم منهج الحل لا طالما ليس هناك تقدم في العمل.

  1. تقييم النتائج وقياسها:

بعد الوصول للحل وتنفيذه، من المهم تقييم النتائج لتحديد ما إذا كان هذا أفضل حل ممكن للمشكلة أم لا، ولعله يمكن أن يكون التقييم فورياً، مثل التحقق من نتائج مشكلة رياضيات للتأكد من صحة الإجابة، أو قد يتأخر مثل نجاح برنامج علاجي بعد ثلاثة أشهر.

وهذا له جانب إيجابي أخر كون أن تقييم العملية، وتقييم النتائج يحسن مهاراتك في حل المشكلات وتصبح على كفاءة أعلى في حل المشكلات المستقبلية.

مصطلح Verywell

تذكر دائماً أن هناك مشكلات تحتاج لخطوات حل به قدراً كبيراً من الحيلة، والمرونة والتفاعل المستمر مع البيئة وعدم الجمود.

معوقات استراتيجيات حل المشكلات:

حل المشكلات ليست عملية خالية من العيوب، فهناك عقبات تتداخل مع قدراتنا في حل المشكلة، حيث من ضمن العوائق ما يأتي:

الافتراضات المسبقة: وضع افتراضات مسبقة بعدم نجاح بعض الحلول، تمنعنا من تجريب خيارات لحلول محتملة.

الثبات الوظيفي: هو كمصطلح يعبر عن الميل الشخصي بحل المشكلة بآلية معتاد عليها بدون دراسة الحل الأفضل، أو تجريب وقياس حلول جديدة.

المعلومات المضللة: فالمعلومات المضللة والخاطئة والغير كاملة تؤدي لحلول خاطئة. فكلما كانت المشكلة أكثر تعقيدًا، كان من السهل علينا كشف المعلومات المضللة أو غير ذات الصلة.

الخبرات العقلية: وهي ميل لاستخدام حلول نجحت في الماضي، بدلاً من البحث عن أفكار بديلة، فهي قد تكون مفيدة في بعض الأحيان، ولكن قد تكون سبب لعدم وجود مرونة، مما يجعل العثور على حلول بديلة وفعالة أسلوب شبه متجمد يصعب الوصول إليه بنظام الخبرات السابقة.

كيف تحسن مهاراتك في حل المشكلات:

إذا كنت ترغب في تحسين مهاراتك في استراتيجيات حل المشكلات، فلديك خطوات تساعدك إلى الوصول إلى ذلك:

إدراك وجود المشكلة: فهناك من يتغافل عن وجود المشكلة من الأساس، وبالتالي لن يسعى للحل، وتحسين المهارة يبدأ من إدراك وجود المشكلة، على سبيل المثال: إذا كنت تعاني من مرض نفسي، فقد تواجه خوفاً وتغيرات مزاجية أو حزن مفرط، أو تغيرات في النوم والأكل، وعدم التعرف على تلك التغيرات وتقييمها لا يساعدك على إدراك المشكلة.

قرر حل المشكلة: لابد من اتخاذ قرار واعي لحل المشكلة والتزم مع نفسك بأنك سوف تستمر في حل المشكلة ولن تتغاضى عنها حتى الوصول إلى الحل.

السعي لفهم أشمل للمشكلة: فهم المشكلة تماماً وتحليل المشكلة التي تواجهها، وانظر من جميع الجوانب للمشكلة، على سبيل المثال: اسأل نفسك كيف يفسر آخر هذه المشكلة، ومساهمة أفعالك في الموقف أو المشكلة.

ابحث عن الخيارات المحتملة: باستخدام ااستراتيجيات حل المشكلات والحلول المحتملة. ضع قائمة بخيارات وحلول المشكلة، ثم ضع كل خيار على حدة واسأل نفسك إيجابيات وسلبيات اتباع الطرق المتاحة؟ ما الذي عليك فعله لتحقيق تلك الحلول؟

بادر بالتحرك: حدد أفضل حل ممكن واتخذ الإجراءات المناسبة، والإجراء هو إحدى الخطوات المطلوبة للتغيير، لذا، راجع المقترحات لحل المشكلة.

جرب خيارًا آخر: إذا لزم الأمر، إذا لم ينجح الحل الذي اخترته، فلا تستسلم. إما أن تمر بعملية استراتيجيات حل المشكلات مرة أخرى أو ببساطة جرب خيارًا آخر.

التخلي: حتى لو كان الحل الأفضل التخلي عن حل ما طالما لا يوجد حل جيد آخر موجود.

وسوف نتعرض إن شاء الله في المقالة القادمة لمثال عملي عن استراتيجيات حل المشكلات من خلال فريق عمل، وربما يهمك أيضاً قراءة:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أهم المصادر:

– Sarathy, V. حل مشاكل العالم الحقيقي:(2018)

– Davidson JE, Sternberg RJ, editors. (2003): سيكولوجية حل المشكلات

– Dunbar K. Problem solving. A. (2017): حل المشكلات

– Stewart SL, Celebre A. (2020) خطر الانتحار وإيذاء النفس عند الأطفال: تطوير خوارزمية لتحديد الأفراد المعرضين لمخاطر عالية داخل نظام الصحة العقلية للأطفال. تنمية الإنسان النفسية للطفل

– Mishra S. (2014): صنع القرار في خطر: دمج وجهات النظر من علم الأحياء والاقتصاد وعلم النفس

– Csikszentmihalyi M, Sawyer K. (2015): رؤية إبداعية: البعد الاجتماعي للحظة الانفرادية. في: نموذج نظم الإبداع

– Chrysikou، EG. Motyka، K. Nigro، C. Yang، SI. Thompson-Schill، SL. (2016): يعتمد الثبات الوظيفي في مهام التفكير الإبداعي على طريقة التحفيز

– Huang F, Tang S, Hu Z. (2018): المثابرة غير المشروطة للمجموعة العقلية قصيرة المدى في التحلل الجزئي. الجبهة النفسية

زر الذهاب إلى الأعلى