الحسد داء هابيل وقابيل

الحسد داء قابيل وهابيل منذ أن خلقوا على هذه الأرض ؛حيث خلق الله الإنسان ،وميزه عن سائر المخلوقات بالعقل ،لكي يميز بين الصواب والخطأ . كان أول خطأ فعله بنو آدم بعد أن هبط إلى الأرض هو القتل . لقد صور الشيطان لأحد أبناء آدم بقتل أخيه .

بعد أن أعمى الحسد بصيرة قابيل لقتل أخيه هابيل ،فعلينا أن نتعرف على أسباب قتله لأخيه ؟ وهل الحسد داء هابيل وقابيل فقط ؟

ما سبب قتل قابيل لأخيه هابيل ؟

لقد شرع الله لآدم -عليه السلام- أن يزوج بناته من بنية ،في مهمة الاستخلاف في الأرض ،فكان يولد له في كل مرة توأم ذكر وأنثى ،ويقوم بزواج ذكر المرة الأولي من أنثى المرة الثانية ،وكان مقرراً أن يتزوج هابيل من أخت قابيل ،ولكن رفضا قابيل وأراد أن يتزوجها هو على الرغم من تحريم زواج البطن الواحدة .

لذلك طلب منهما سيدنا آدم -عليه السلام- بتقديم قربان لله سبحانه وتعالى ،لكي يحكم بينهم ،وكان هابيل صاحبا مرعيا أغنام فقدم إلى الله أفضل أغنامه ،

وكان قابيل صاحب أراض زراعية فقدم أسوأ ما زرع . ولم يكن قابيل مخلصا لله مثل أخيه ، فتقبل الله من هابيل ولم يتقبل من قابيل ،فلذلك عزم علي قتله .

كيف كان الحسد داء قابيل وهابيل ؟

عندما تقبل الله قربان هابيل ولم يتقبل قربان قابيل دب الحسد في قلب قابيل ،لذلك شرع قابيل لقتل هابيل . فضربه بحجر علي رأسه فمات ،وبعد ما فعله من جريمة قتل أخيه شعر بالندم ،ولم يعرف كيف يتصرف ،فأرسل الله سبحانه وتعالى غرابي قتل إحداهما الآخر ،ثم حفر حفره في الأرض ودفن الذي قتله ،ففعل قابيل مثل الغراب .

ما هو الحسد ؟

هو الشعور بعدم الرضا عن حياتنا ،وكره الخير للآخرين ،أصل المعاصي ،وبوابة الكبائر ،فبسببه يفقد الإنسان صوابه ،ويجرد من إنسانيته ،وهناك تأثير كبير له في النفس .

ما تأثيره على النفس البشرية ؟

فيما يلي نستعرض أهم التأثيرات :

١_ انتزاع الرحمة من القلب وقتل المشاعر.

٢_ يبعد العبد عن ربه .

٣_ يقطع أواصر المحبة بين الأشقاء ،والأرحام ،والأصدقاء ،فقد قال ابن تيمية -رحمه الله- تعالى: أول داء أعمى البصيرة الحسد .

٤_ يشعل الحقد ،والانتقام في الصدر .

٥_ الحسد يسبب سوء أدب مع الله سبحانه وتعالى، فالحاسد يعترض على أقدار الله تعالى التي كتبها ،ويتمنى زوال النعمه عن غيره .

كيف نتجنب الحسد ؟

علينا أن نعتصم بالله سبحانه وتعالى . نستعيذ بالله من هذا الداء الخطير ،فالله تعالى أمرنا أن نستعيذ به من الشيطان الرجيم ، كما أمرنا أن نستعيذ من هذا الداء الحسد .

لقد ذكر الله سبحانه وتعالى في صورة الفلق قوله تعالى : “ومن شر حاسد إذا حسد ” ،وأيضا أهمية التمسك بوصية الرسول عليه الصلاة والسلام : ” لا تحاسدوا ” .

سبب قبول الله سبحانه وتعالى قربان هابيل

لقد حدثت أول جريمة قتل في البشرية بدافع حسد قابيل من هابيل . تقبل الله تعالى ما قدم من قربان ولم يتقبل من قابيل ،ولم يذكر الله سبحانه وتعالى نوع عمل كل منهما أو مادته أو صفته أو حجمه ،ولكنه ذكر سبب القبول وهو ” إنما يتقبل الله من المتقين ” .

لقد بيين الله سبحانه وتعالى أن القبول لا يرتبط بحجم ،أو نوع ما يقدم الإنسان من عمل صالح وطاعة . قدد حدد الله المقياس الحقيقي لقبول الأعمال هو بما في القلب من تقوى ،دفعت الإنسان لتقديم هذا العمل ،فكم من صدقة نراها من منظورنا البشري القاصر صغيرة وقليلة ، بينما هى عند الله عظيمة .

الخوف من الله

عندما شرع قابيل لقتل أخيه هابيل قائلا : ” لأقتلنك “،فكان رد هابيل عليه ” لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدى إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين ” . الخوف من الله عزوجل ما منع هابيل عن قتل أخيه ،فكان حاجز مانع من إرتكاب الجريمة .

إن الخوف من الله يمنع الإنسان من إرتكاب المحرمات . ويحفظه من الوقوع في وحل المعاصي ،والشهوات ،فيقول ابن تيمية إن الخوف من الله تعالى يحجزك عن المحارم .

هابيل لم يبادر علي إرتكاب المعصية ،ليس عجزا ولا ضعفا ،ولكن خوفا من الله تعالى . علينا جميعا أن نتخذ شعارا ” إني أخاف الله ” منهج حياة . يصد كل المعاصى والمحرمات ،ويحميك من النفس الأمارة بالسوء .

الاقتداء بما فعله قابيل

إن كل السيئات التى يحاسب عليها الإنسان ،ما هي إلا نتاج ذنوبه ومعصيته لأوامر الله تعالى . كانت أول جريمة في التاريخ هي قتل قابيل لأخيه ،وما تبعها من جرائم قتل وسفك للدماء كانت اقتداء بها ،ولذلك قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم : ما من نفس تقتل إلا كان على ابن آدم الأول شطر من دمها ، لأنه أول من سن القتل .

الحسد داء المجتمع في الوقت الحالى

لقد أصبح الحسد داء المجتمع في الوقت الحالى . أصبح الإنسان ينظر لأخيه فيما يملك . وتطور الامر الى أن أصبح يكيد كلا منا الآخر ،بل ويعيق تقدم الآخر ليس بالحقد الداخلي فقط ،أصبحت جرائم المجتمع أساسها الحسد والحقد الذى يؤدى الى الانتقام بأبشع الطرق .

في زماننا أصبح نشر المنكر ميسراً ،فالصورة والمقطع والصوت ينتشرون بسرعة كبيرة ،كالنار في الهشيم ،والذنب الذى يقترفه الإنسان أصبح انتشاره ليس إلا لحظة ،حتى يصل الى مشارق الأرض ومغاربها ،فعليك أن تحذر من أن تكون داعية للضلال ،أو تنشر ذنبك ،وتكون قدوة في الشر .

إن الله سبحانه وتعالى يكتب الآثار والأفعال التى يقتدى بها الناس . ويحاسب الإنسان عليها سواء كانت خيرا أو شرا في قوله تعالى ” إنا نحن نحيي الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم وكل شئ أحصيناه في إمام مبين ” .

ونستخلص من كل ماسبق أنه عليك بمراقبة أعمالك ،وإياك وسنة السوء التي تضاعف الذنوب .

زر الذهاب إلى الأعلى